يقول فارس القلم الكاتب الألمعي أحمد أمين رحمه الله تعالی في كتابه النقد الأدبي: أجمع النقاد تقريباً علی أن الأدب يتكون من عناصر أربعة: العاطفة، و المعنی،و الأسلوب، و الخيال، و نعني بذلك أن كل نوع من الأدب لا بد أن يشتمل علی هذه العناصر الأربعة و لايخلو من عنصر منها. كتاب النقد الأدبي صفحة29.
العاطفة الجياشة هي التي تدفع الكاتب إلی إثارة عواطف الآخرين و مشاعرهم و ضمائرهم، العواطف هي التي تجعل الأدب خالداً، و تؤثر علی قلوب الناس و مشاعرهم، العاطفة الجياشة القوية الصادقة تجعل الأدب يتقوی و يتطور و يرتقي،فيها ينمو الشعر و يخلد الأدب، العاطفة المتوقدة القوية هي التي تؤجج الأدب شعوراً و متدفقاً، و احساساً قوياً و نشاطاً فكرياً و ذهنياً و روحياً، فكل كلام أثّر علی العاطفة و المشاعر فهو الأدب، و كلُ كلام يؤثر علی العقل و لايحرك و لايثير العواطف فلايعد أدباً، عالِم النبات يبحث عن الحقائق التي تختفي في أعماق النبات، بل هي محاولة علمية دقيقة لاستكشاف تلك الحقائق، فلاتعد هذه المحاولة أدباً.
أما العواطف فتتعلق بشيء ذاتي قليل التغير، الكتب العلمية تتعلق بالعقل، تغذي العقل و تنمِّيه و تطوِّره فحسب، لهذا لاتعد هذه الكتب أدباً بل هي كلها علم، مثلاً كتب التاريخ حينما تخلو من العاطفة فلاتعد أدباً إلا إذا مزج المورخ تاريخه و كتابه بشيء كثير من العاطفة، آنذاك يعد كتابه كتاباً تاريخياً أدبياً، اليوم كثير من عشاق الأدب و الكتابة يمارسون الكتابة و يتدرّبونها و ينشرون أفكارهم ثم يعدونها أدباً، ليس كلُ مَن هب و دب فهو أديب.
فإذا مُزجت الحقائق العلمية و الحوادث التاريخية بالعواطف فهي أدب، لذا الكاتب الأديب هو الذي يمزج كتاباته بالعاطفة، يثير عواطف الناس، و يؤثر علی القلب ثم العقل، الكتاب الذي لايوحي شيئا من العاطفة فلايعد أدباً، يقول إمرسون: ليس للكتاب قيمة إلا أن يوحي، ثم جميع العواطف التي يثيرها الأدب مرجعها جميعاً إلی الشعور بالجمال، لذا كلُ مَن يريد الوصول إلی قمة الأدب و الشعور بالجمال فيكوّن مقالته من هذه العناصر الأربعة سيما إثارة العواطف، لأنها من أقوی و أهم عناصر الأدب.
✍️:عبدالسلام العمري البلوشي
يوم الأربعاء 1 ذي الحجة.
وحي الخاطر